خربشات على الماء

كلنا آسفون
طعم البن في الصباحات الواسعة
آسف إذا ما أيقظ في البال رحلة مؤجلة مذ زار الحجل دار الخيال
مذ توضأ الأمل بماء المسير
و تهات منه الدروب
الباب آسف إذ و القرع عنوان نام في قِفلهِ
و لم يترك فسحة للضوء بالدخول للاعتراف
الليل أسف لضيقه بالأحلام الفسيحة
ولو كانت هوجاء
أو كانت جسورة لا تواتي عُرف النجوم
كلنا آسفون
لاِتكائنا على كتف الوقت دون علاقة وطيدة
لإسرارنا لشجرة اللوز ناسين أن العنادل تسمع و تغني
وأن الشجرة أم العصافير
لرؤيتنا التي تمتد إلى حدود مبتغانا
و لا تطرف عينها يمينا و لا شمالا
و لا تكترث إلى ما بعد الهناك
كلنا آسفون
لحبنا الفطري للحياة
فلا نبالي بالشوك و لا بأظافر الريح
نرنو كأن الرنو امتلاك
ونأسف للجروح في جسد المشاوير
لنشوتنا بلهجات اللون المتقافز في عطش الذوائق
نشرب الأحمر الأخضر الأصفر الأزرق البرتقالي البني اللازوردي
ولا نبالي بحدة الطعم
إلا بعد غصة بالرؤى
ننسى أن الأصفر انتعاش الليمون في لذة الوقت
و انهزام عمر السنابل
أن الأحمر غصة الحياة في مسيله
و انسكاب اللهب في القبلة الفاجرة
ننسى أن لكل الأشياء مزاجها العفوي
و ننسى أن نأسف في شدة الوقت
كلنا آسفون
يقول الشمالي أسفتُ لأن الجنوب ضاع مني
يقول الغريب أسفتُ لأني ابتعدت أكثر من بوصلة الحنين
و يقول المترامي في نسق الوطن
لو أني سافرت لما أسفتُ لجوع في الحنجرة و الرؤى
تقول العاشقة لو أني أمسكت بنافذة القلب
لما هدني الشوق و تأسفتُ من الذاكرة
يقول العاشق لو أني جسور
لما أسفت للعمر المضى
يقول الأسف لولاي ما عرفتم قيمة الطريق
ولا وَزِنتم ظِلكم و النور
أما أنا
فأقول للأسف لم آسف على علاقتي الوطيدة بك
فلقد تعلم أنك الضروري
تفرك الغبش عن شبابيك القلب
لتمشي الحياة

أن لا تأتي
خير من أن تأتي متأخرًا
فلقد ماتت الدهشة على أرصفة الطريق