حديقة أجمل الردود على الشعر

ســـلام مـن الله و ود ،
إنما اجتهدنا ؛
فعذيركم تقصيرنا...
مـحبتي

رد المبدعة جهاد بدران على قصيدتي
وصية شهيد
على هذا الرابط
http://kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?t=47367
ــــــ

يا لهذا الوطن كم ضحت النفوس وسارعت لجنان الله في الفردوس الأعلى..هنيئاً لهم في هذه المنزلة العظيمة..وهنيئاً لهم الشفاعة لذويهم..
الشهداء في كل بقعة من بلادنا العربية والإسلامية..خرجوا من دفء مكانهم حتى يجاهدوا في الله أهل الظلم..وما زالت إبواب الشهادة مفتوحة ليوم الدين حتى تتخلص الأرض من طغاتها وقادتها القتلة وولاتها الذين يعملون لصالح عدو الله..
قصيدة موجعة بكل حروفها ..مثقلة بالنزف العام..والصبر تكسرت أنيابه..ما عاد يطيق الحال..ستأتي قريباً ثورة ضد هذا الظلم الذي ينمو كل يوم في الأرض ولا حياة لمن تنادي من كبارها..
قصيدة نُسجت صدقاً ونقاء بنبض القلب..المشاعر كانت ملتهبة وكأن الشاعر في تجسيده لشهادة الابن وما تلقته الام من هذه الشهادة..كان متقناً مصوراً بارعاً..أتقن دور الشهيد ودور الأم ببراعة ومهارة عالية..
الأرض امتلأت بدماء الشهداء..شربت حتى ارتوت ذراتها..ليكون حافزا لتغيير جذور حكامها..لقلع سياستهم البغيضة..
كثرة الشهداء في الأرض هي عملية تسليم البلاد للورثة الصالحين..حتى تثور العقول والقلوب وتنزع أنياب الصمت لتزرعها قوة في تغيير الواقع..
هذه محن وابتلاءات من الله..يسخرها الله لعباده كي ينهضوا من سباتهم ويحرروا الأرض من الطغاة كي تعود سلطة الحق وشريعة الله وسلطة العدل في كل مراكزها..
وإلا كيف يتم النصر وتحريرها من أظفار الظلم..
إلا إذا كان الشعب كما يقوله رب العزة:
" إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" الرعد 11...
هنا يشير رب العزة للتغيير في السلوك الإنساني والاجتماعي البشري..
من السلبي إلى الايجابي..حتى تلد قوة الفكر والإرادة سلوكاً يحقق إنجازاً عملياً مثمراً..ولا يكون هذا التغيير مزهراً إلا إذا بدأ أولاً من محتويات النفس وبعدها تغيير في ميادين مختلفة كالاجتماعية والإدارية والاقتصادية والعسكرية ولتكتمل مع ميدان القضاا بالحق والعدل لا بالحكم في الظلم والجور..
فالنفس يشمل تغييرها من ناحية الفكر والثقافة والعادات والتقاليد والقيم..وتكون هذه النفس تعمل في حدود رضى الله والوصول لدرجة الإخلاص المتناهي له..حتى نستطيع مسك بوصلة الحياة بكل ما فيها نحو الطريق المستقيم دون ظلم وسفك لدم الأبرياء..
كل هذا يحتاج من الفرد الولاء الشامل لمبنى الرسالة التي تحملها الأمة وتعيش في عراها...
غياب كل هذا من النفوس أدى لخلق صراع حاد بين الأفراد ثم المجتمعات ثم الآوطان..نتيجتها التمزيق وخسران البشر في ظل الفساد..
لذلك الشهادة أو مشروع الشهادة ليس مطلباً سهلاً..يحتاج النية والعمل الصالح لله..
هذه القصيدة..كانت مفتاحاً للتأمل والتدبر بين معالم الشهادة ..وإعادة النظر في سلوكياتنا..لنجدد العهد مع الله وليس مع حكام قدّموا شعوبهم قرابين للغرب واليهود والدول العظمى..

الشاعر الكبير عميد كوكبة القناديل
د.جمال مرسي
قصيدتكم البارعة هذه كانت محفزاً عظيماً للبوح وتغيير اتجاه الفكر ليكون خالصاً لله وحده..
التراكيب البنائية للكلمات..والترابط العظيم بين المشاعر وروح النص أدى لتوسيع بؤرة المعنى الإشاري..
تفاعل الإحساس كان نتيجة تحريك مفردات اللغة المتوهجة والتي اندمجت فيها الحس الداخلي والخارجي ليتجلى بقصيدة إفرزت اللغة الإبداعية لدى الشاعر..
بوركتم د.جمال..ورحم الله كل شهيد في كل مكان وأسكنه جنان الفردوس..
قلبنا يعتصر ألماً على مصر الحضارة والتاريخ وبلاد العلوم كلها ومنبع كل جمال..
وفقكم الله لنوره ورضاه
وأسعدكم في الدنيا والآخرة
وجعلنا من الشهداء في عليين..

رد المبدعة القديرة الناقدة الفلسطينية جهاد بدران على قصيدتي القتيل الجاني هنا

القتيل الجاني


http://kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?t=47747
.
ما أجملها من معزوفة تطرب لها الأسماع وتفتح شرايين الفكر بالتفكر والتدبر بين موسيقاها الراقية وجرسها الرقيق بوقعه على الذائقة..
قصيدة جعلتْ من التأمل بين أوردتها أن نتخذ منها عدة تأويلات.. منها ما يأخذنا الفكر نحو الحبيبة التي يعشقها الشاعر، ومنها يأخذنا لبلاده مصر الحبيبة.. وفي كلتا الحالتين أفرز حرف الشاعر براعة وإتقاناً في تجسيد الصورة الإبداعية في محكّ جمالي حرّك ذائقة المتلقي نحو منبع المشاعر النبيلة والعيش بين منابع القصيدة بكل حذافيرها طرباً وتذوقاً لنظم الشعر الراقي...
القصيدة بسلاستها وبلاغتها، استطاع الشاعر أن يعزف فيها ألحاناً شجية وهو يعزف على أوتار البوح الصادق..
يبدأ الشاعر قصيدته بقوله:

لا تَحجُبِي عينَيْكِ عنْ أجفاني
فأنا بدونِهِما القَتِيلُ الجَانِي
.
في هذا البيت يركز الشاعر على عينيّ حبيبته، أو مصر الغالية، فهو يطلب منها أن
تبقى بعينيها مرآة الجمال والحب والذي يرى الشاعر بهما كل معاني الكون والوطن الجميل بأبعاده المختلفة ومعالمه السامية.
الصورة التي نبعت من رحم هذا البيت ، كانت صورة إبداعية قالت الكثير من ناحية قوة تركيبها وقوة الدلالة التي تطويها في معاني الحب السامي والتناغم بين تجاويفه، ويعكس درجة العشق اللا متناهي إن كان للمحبوبة أو لوطنه مصر الحبيبة..هنا نرى التسامي في لغة العيون واتحادها في مجال رؤيا واحدة ، دليل على قوة الانسجام التام بينهما والبصيرة التي تنشأ من خلالهما نحو حياة مشتركة المعالم والخاصية التي تجمعهما..

/لا تَحجُبِي عينَيْكِ عنْ أجفاني/

مهارة عالية في قيمة الطلب منها، وقوة في تركيب الحروف لتجتمع تحت مظلة الرؤيا الحقيقية واكتمالها مع عدم حجب عينيها عن أجفانه، وهذا يأخذنا لمعاني كثيرة وخيال وتأمل وتدبر في تركيبة هذه الكلمات..
فالشاعر يطلب منها أن لا تجعل بين عينيها وأجفانه حجاباً يفصل بينهما..
إن استعمال كلمة الأجفان بدل كلمة عينيه، وذلك كي لا يكون حجابين بينهما، لأن الأجفان ما هي إلا غطاء العينين من أعلاها وأسفلها..فإذا وضعت من عينيها حجاباً فستنعدم الرؤيا واللقاء بينهما بشكل نهائي..لذلك فقد طلب منها أن تبقى واضحة المعالم والرؤيا حتى تكتمل زاوية النظر بينهما بلا تشويش من معوقات الاتصال بينهما...
ثم معنى آخر ، في طلبه عدم وضع حجاب من عينيها لأجفانه، حتى تكون بعينيها مجال الرؤيا عنه إذا الأجفان أسدلت عينيه، وهذا كناية عن قوة التلاحم بينهما واتحادهما في رابط الحب والتضحية وتقدير الواحد للآخر....
الشاعر قدم طلباً منها على أن لا تحجب عينيها عن أجفانه لسببٍ وضّحه في عجز البيت بقوله:

/فأنا بدونِهِما القَتِيلُ الجَانِي/

كناية على أنه يرى الدنيا والكون بأسره من خلال زاوية رؤيتها وجمال ما تبصر من الوجود من معالم نقية طيبة قوية التبصر والبصيرة..
لأنها تملك جمال الكون والإحساس من خلال نور عينيها وما تبث من ضياء في معالم الوجود.. لأن الحياة مظلمة من دون نعمة العينين..وهذا كناية عن منتهى العشق بكل أبعاده..
فيشبه نفسه بدونهما كأنه القتيل والجاني بنفس الوقت، فكيف يكون ذلك؟
يكون قتيلاً من ناحية مجازية بسبب غياب عينيها عنه لأنها بمثابة مجال الرؤيا للأمل والجمال والفرح، وغيابهما كأنهما مصدر القتل له والطعن..
وأما الجاني، كونه لم يحافظ عليهما ولم يقدم ما يكون مصدر السعادة والرؤيا لدنيا الجمال..ليحل عليها مصدر حزن وألم... والبيت التالي دليل على ذلك..بقوله:

/فبنظرةٍ من مُقلتَيْكِ قَتَلْتِنِي
و أنا جَنَيْتُ عَلَيكِ بالأحزانِ/
.
هنا تتضح صورتي القتيل والجاني:
القتيل ، حين تسمح له بنظرة حب منها ورضا وتبادله المشاعر من خلال ذبذبات الشوق والهوى..ليشعر بأنه ملك الدنيا بأسرها ، ومن شدة الفرح تكون بقوة نظرتها قد قتلته بشدة تفاعلها معه..
وأما الجاني، حين يجني عليها بالأحزان،
هذه الصورة الشعرية متقنة جدا من ناحية تداخل المعنى مع المبنى، ودفع الفكر في التدبر بين جوانبها..
ثم ينتقل الشاعر في حديثه للورد وإسالته دمع الورد أثناء قطفه، وهنا استعمل الأنسنة من خلال وضعه الورد في محك الدمع كالإنسان.. ليوضح لنا مدى دور النسيان في الحياة المشتركة وأبعاده وتأثيره بالآخر..من خلال قوله:

و أَسَلتُ دمعَ الوردِ يومَ قَطَفْتُهُ
و جَرَحتُهُ بِمخَالِبِ النِّسيَانِ

هذه الصورة المذهلة كان تصويرها لمصلحة الكلمة السابقة في البيت السابق على أنه الجاني..فقد أراد توضيح وتبرير ما سببه من جرح لحبيبته، من أثر التجني عليها بمخالب النسيان، ثم رسم معالم الورد وذكره كناية عن رقة محبوبته ورقة الأنثى بشكل خاص وملائمة الورد لطبيعتها الحساسة ومشاعرها النابضة الحية..

أنا مَن أكونُ بدونِ عَيْنَيْ مَن بَنَتْ
لِي فِيهِمَا قَصراً ، فَطَابَ مَكَانِي
.
أَنا مَن أَكُونُ بِدُونِ أَجمَلِ مَن رَأَتْ
عَيْنِي ، و أَنبَلِ مَن هَوَاهُ جَنَانِي
.
أَنا لَن أَكُونَ سِوَى بَقَايَايَ التي
ذَاقَتْ مُرارَ الفقدِ و الحرمانِ

في هذه الأبيات الشعرية وما نبت منها من قوة مشاعره اتجاه محبوبته، كانت رسماً دقيقاً لمدى تعلقه بها واحتياجه لحبها..
نلاحظ أن الشاعر استعمل الضمير المنفصل /أنا / كتكرار استهلالي في صدر البيت الشعري، حيث تم تكرار الضمير خمسة مرات، منها تكرار /أنا مَن أكونُ بدونِ / مرتين..
فنرى الأنا في تكرارها مرحلة طواف في بوتقة الذات، تفيد منعطفاً دلالياً يعزف إيقاعاً جميلاً على مسامع المتلقي، بنغمات محببة تفيد التكثيف الإيقاعي وما يحمل من أثر متين يتم معه التفاعل عن طريق إشراك المتلقي بطريقة منسجمة لمسامعه..
لذلك من خلال نغمات الضمير المنفصل للمتكلم، يتم إعلاء معالم الحب وتفسير قيمته، وإثبات هوية المتكلم ودرجة حبه من ناحية ووجعه لفقدها من ناحية أخرى... كي يُنشئ عملية تحريكية لدى المتلقي تثور بها العواطف والمشاعر ، وتجعل النص على محمل الجمال رغم ما ينخزه من ألم..
لذلك نرى في دلالة تكرار الضمير، عملية إثبات للذات المتكلمة بهدف إبراز حجم ومدى حبه العميق، وانتمائه لها ، ليثبت
ملامح هويته..ليدلل على أكوام مشاعره النابضة وغزله الشفاف وحساسيته المشحونة في تضاد ما بين الحب والوجع.. وهذا التكرار كان عملية فنية متناغمة متلاحمة مع معالم
البناء والتراكيب اللغوية بشكل يبعث الموسيقى مع تناغم فني رائع، كي يرفع من شأن القصيدة بإيقاعها العذب.. ويعلن للمتلقي جمال النبض في الدلالة والإثارة الفنية، وما حمل الضمير من طغيان الذاتية في مجابهة البعد والصبر على الألم...
بعدها ينهي الشاعر لوحته الفنية بقوله:

/أَمشِي بِلا هَدْيٍ على أرضِ المُنَى
مُتَعَثِّرَ الخُطُواتِ كالعُميانِ
.
لا تَحجُبِي عَيْنَيكِ عَنِّي ، أَنتِ لِي
.. لو تَعلَمِينَ .. عَصَايَ و العَيْنَانِ/

كأنه يريد أن يخبرها بأنه بدونها يتخبط
في الحياة، لأنها زاوية الرؤيا التي ينظر من خلالها، وبعينيها يرى جمال الكون ، وكأنها المتكأ الذي يقف عليه مع مصائب الدنيا وما يلحقه من الأسى والتي وصفها ب /عصاي/..وهذا كناية عن درجة حبه وتعلقه بها كالروح بالنسبة للجسد..

الشاعر الكبير المبدع
أ.جمال مرسي
لقد أضفتم للأدب لوحة فنية بارعة النظم ، تحكي عن إبداعكم ورسمكم المتقن لأصول الحرف وتراكيبه اللغوية المجبولة بماء الفن العريق..
دمتم وهذا القلم الرشيق وما يحمله من مداد راقي النفحات بغرسه النفيس..

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
وزادكم علماً ونوراً وخيراً كثيراً


جهاد بدران
فلسطينية